اختتمت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مشاركتها في المؤتمر الدولي حول الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان، الذي نظمته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان خلال الفترة من 27 إلى 28 مايو 2025 بفندق الريتز كارلتون – قاعة لوسيل، تحت شعار: “الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان: الفرص، المخاطر، والرؤى لمستقبل أفضل”. وشهدت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر حضور سعادة السيد محمد بن علي المناعي، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إلى جانب عدد من أصحاب السعادة والمسؤولين المحليين والدوليين، حيث ناقش المؤتمر سبل تعزيز التوازن بين التطور التكنولوجي وحماية حقوق الإنسان في ظل التوسع السريع لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وفي كلمته خلال الجلسة، شدد سعادة الوزير على أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة تقنية، بل أصبح قوة تعيد تشكيل الواقع الإنساني وتؤثر في قرارات تمسّ الكرامة البشرية. وأكد أن المرحلة الحالية تتطلب أُطر حوكمة واضحة ترتكز على العدالة والشمولية والمسؤولية. كما أشار إلى أن المبادئ والإرشادات التوجيهية التي أطلقتها الوزارة تشكل مرجعاً وطنياً يعزز ممارسات التطوير والاستخدام الآمن والمسؤول، مؤكداً أن التزام قطر بالأخلاقيات يشمل كذلك تعزيز الشمول الرقمي، من خلال إطلاق مؤشر وطني لقياس مدى استفادة جميع فئات المجتمع من الموارد الرقمية. واختتم كلمته بالتأكيد على أهمية التعاون الدولي في صياغة تشريعات ومعايير تُبقي الذكاء الاصطناعي في خدمة الإنسان أولاً.
وقد شاركت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في أعمال اللجنة الفنية التي تولّت إعداد التوصيات الختامية للمؤتمر، وذلك استناداً إلى حضورها الفاعل في جلسات المجتمع والنقاشات الحوارية. وجاءت مساهمة الوزارة انطلاقاً من التزامها بدعم مسارات المؤتمر، حيث ساهمت في صياغة مخرجات تعكس التحديات المطروحة وتقدّم توصيات عملية تهدف إلى تعزيز التكامل بين التقدّم التكنولوجي وحماية حقوق الإنسان.
خلال جلسة نقاشية بعنوان “الحاجة إلى حوكمة الذكاء الاصطناعي: أفضل الممارسات لاستخدام الذكاء الاصطناعي وفقاً للمعايير الأخلاقية”، قدّم السيد/ حسن جاسم السيد، مستشار سعادة الوزير، ورئيس لجنة الذكاء الاصطناعي، رؤية حول أهمية مواءمة التطور التكنولوجي مع القيم الإنسانية. وأكد أن الربط بين الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان هو التزام استراتيجي لضمان بيئة رقمية عادلة وآمنة، مشيراً إلى أن الحوكمة الأخلاقية تتطلب أكثر من السياسات، بل تستند إلى مبادئ تحفظ كرامة الإنسان وتمنع التحيّز وتعزز الشفافية.
كما استعرض خلال الجلسة أبرز التجارب الدولية الرائدة في مجال حوكمة الذكاء الاصطناعي، ومن بينها المبادئ التوجيهية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والإطار الأخلاقي لليونسكو، والتي شكلت نماذج استرشادية في صياغة سياسات متوازنة. كما ناقش الحضور سبل تطبيق هذه المبادئ على المستوى الوطني، مع التركيز على تعزيز الشفافية، والإنصاف، والمساءلة في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي، ومؤكداً على أهمية التعاون بين الحكومات، القطاع الخاص، والمجتمع المدني لبناء إطار حوكمة متوازن يخدم الإنسان أولاً.
وعلى هامش المؤتمر، قدّمت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات جناحاً تفاعلياً خاصاً ضمن المعرض المصاحب، سلّط الضوء على أبرز جهود الوزارة في مجال الحوكمة الأخلاقية للذكاء الاصطناعي. وقد استعرض الجناح الوثيقتين الإرشاديتين اللتين أطلقتْهما الوزارة مؤخراً، واللتين تشكلان مرجعاً عملياً لتوجيه تطوير واستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي وفق مبادئ الشفافية، والعدالة، والمساءلة، وحماية الخصوصية. وتُعد هاتان الوثيقتان من أولى المبادرات على مستوى المنطقة التي تضع إطاراً أخلاقياً عملياً لاستخدام هذه التقنية داخل المؤسسات الحكومية.
كما ضمّ الجناح محتوى مرئياً وتفاعلياً متنوعاً أبرز مجموعة من المبادرات التي تقودها الوزارة في هذا المجال، من بينها مشاريع الذكاء الاصطناعي والتطبيقات الحكومية الذكية. وقد لاقى الجناح تفاعلاً واسعاً من المشاركين والخبراء، الذين أشادوا بتوجه الوزارة نحو تعزيز الاستخدام المسؤول والإنساني للتكنولوجيا، واعتبروا التجربة نموذجاً يُحتذى به إقليمياً في مواءمة التحول الرقمي مع القيم الإنسانية.
وخلال جلسات المؤتمر، ناقش المشاركون أبرز التحديات الأخلاقية والقانونية المرتبطة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتناولوا قضايا محورية مثل التحيز الخوارزمي، وانتهاكات الخصوصية، والمساءلة عن القرارات الصادرة عن الأنظمة الذكية دون تدخل بشري. وتم التأكيد على ضرورة تطوير أطر تشريعية مرنة تواكب التطورات التقنية المتسارعة، مع ترسيخ القيم الإنسانية في صميم أي تحول رقمي. وأسفرت النقاشات عن توافق عام حول أهمية الموازنة بين الابتكار وحماية الحقوق الأساسية لتعزيز الثقة المجتمعية في تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وتُجسّد مشاركة وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في هذا المؤتمر التزامها الراسخ بتعزيز الشراكات الوطنية والدولية، وتأتي هذه الجهود في إطار رؤية شاملة تهدف إلى تحقيق التوازن بين الابتكار التكنولوجي والقيم الإنسانية، حيث تعمل الوزارة على مستويين متوازيين: محلياً من خلال تطوير سياسات وإطار تشريعي داعم للابتكار الأخلاقي، ودولياً عبر تعزيز التعاون مع المنظمات والمؤسسات العالمية المعنية. ويتماشى هذا التوجه مع أهداف رؤية قطر الوطنية 2030 والأجندة الرقمية 2030.