شهدت القمة العالمية للذكاء الاصطناعي – قطر 2025 الكشف عن “جناح قطر للذكاء الاصطناعي” الذي جمع أكثر من 20 مشروعاً وطنياً مبتكراً طوّرته ما يزيد على 14 جهة حكومية وخاصة. وقد عكس الجناح حجم التقدّم الذي حققته دولة قطر في تطوير وتبنّي تقنيات الذكاء الاصطناعي، ودوره المتنامي في دعم بناء مستقبل رقمي متقدم ينسجم مع الأجندة الرقمية 2030 ورؤية قطر الوطنية 2030.
ويضمّ “جناح قطر للذكاء الاصطناعي” مجموعة واسعة من المشاريع التي يدعم البرنامج الحكومي للذكاء الاصطناعي، والذي يعد مبادرة وطنية تقودها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالشراكات مع عدد من الشركات التكنولوجية المحلية العالمية لتطوير مشاريع مبتكرة قائمة على الذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع أهداف الأجندة الرقمية 2030 الرامية إلى دفع التحول الرقمي في الجهات الحكومية وتحسين جودة الخدمات المقدمة لأفراد المجتمع.
واستعرضت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عدداً من المشاريع المتقدمة، منها نظام الموارد البشرية المعزّز بالذكاء الاصطناعي الذي يعمل على أتمتة دورة التوظيف، بدءاً من تصفية الطلبات مروراً بإجراء المقابلات الذكية لتقييم المتقدمين ودعم المحاورين في إعداد الأسئلة، وصولاً إلى التقييم النهائي للمرشحين. بالإضافة إلى منظومة المناقصات الذكية القادرة على صياغة كراسة الشروط وإجراء الدراسة الفنية وتقييم العروض المقدمة باستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي المتخصصة.
ويبرز الجناح أيضاً مشروع التشريع المعزّز بالذكاء الاصطناعي الذي طوّرته الأمانة العامة لمجلس الوزراء لدعم صياغة التشريعات، من خلال أتمتة المقارنات المرجعية وفحص التوافق وإعداد تقارير تحليلية أسهمت في تسريع وتجويد عملية التشريع. كما استعرضت وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي المنصة الوطنية للتعلم المخصص، وهي منصة اعتمدت على الذكاء الاصطناعي لتقديم دعم شخصي للطلاب والمعلمين والإداريين.
وقدّمت وزارة العمل عرض متقدم لخصائص نظام معلومات سوق العمل (LMIS) بوصفه منصة مركزية للتحليلات التنبّؤية وإدارة البيانات. ويشمل العرض قدرات النظام في دمج البيانات متعددة المصادر، وتوليد مؤشرات لحظية، وتطوير نماذج تنبّؤية لديناميكيات التوظيف واحتياجات المهارات. كما تسلط الوزارة الضوء على حزمة من حلول الذكاء الاصطناعي وتقنيات تعلم الآلة المستخدمة في تعزيز حوكمة سوق العمل، ورفع كفاءة العمليات الرقابية والتشغيلية، وتقديم رؤى تحليلية معمّقة تدعم تطوير السياسات.
وقدّمت وزارة التجارة والصناعة أربعة مشاريع ضمن الجناح، شملت مشروع خارطة الأعمال الذي يتيح عرض المنشآت التجارية على مستوى دولة قطر بالاعتماد على التوزيع السكاني والبيانات المكانية، بما يعزز الشفافية وسهّل الوصول إلى المعلومات التجارية للمستثمرين وروّاد الأعمال. كما استعرضت الوزارة ثلاثة مساعدين ذكيين: الأول لخدمة عملاء النافذة الواحدة عبر توفير ردود دقيقة وفورية على الاستفسارات، والثاني لدعم مستخدمي الموقع الإلكتروني للوزارة، والثالث لخدمة موظفي النافذة الواحدة من خلال تقديم إرشاد لحظي يساعد على تحسين جودة وكفاءة إنجاز المعاملات.
أما وزارة البلدية، فقد عرضت نظام إصدار رخص البناء المعزّز بالذكاء الاصطناعي، الذي اعتمد على تحليل المخططات الهندسية رقمياً واستخراج المعلومات الأساسية للاستشاريين، بما يسهم في تقليص مدة إصدار الرخصة إلى نحو ساعتين فقط، ورفع دقة المعالجة وسرعة الإنجاز. وقدّم المجلس الأعلى للقضاء ثلاثة مشاريع رئيسية، من بينها مساعد القاضي الذكي لدراسة الدعاوى وتلخيصها بما يدعم القضاة ويعزز كفاءة العمل القضائي.
واستعرضت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وكلاء الذكاء الاصطناعي الخاصة بموقع “إسلام ويب” لتقديم إرشاد ديني موثوق يعتمد على مصادر معتمدة، فقد أسهمت هذه التقنيات في تحسين جودة الوصول إلى المحتوى الديني وتقديم إجابات دقيقة للمستخدمين. كما عملت الوزارة على تطوير حلول ذكاء اصطناعي لدعم وصول خطبة الجمعة لغير الناطقين باللغة العربية، من خلال تقنيات الترجمة والمعالجة اللغوية التي وسّعت دائرة المستفيدين من الخطاب الديني.
كما قدّمت متاحف قطر مشروع “الجولة الذكية للمتاحف”، وهي تجربة ثقافية تفاعلية مدعومة بالذكاء الاصطناعي تتيح للزوار استكشاف المتاحف والمواقع التراثية والأعمال الفنية العامة بطريقة شخصية وسلسة. توفّر المنصة تعرّفاً فورياً على الأعمال الفنية، وشروحات سياقية ذكية، ومسارات مخصّصة وفق اهتمامات المستخدم.
وعلى صعيد الابتكار اللغوي، قدّمت جامعة حمد بن خليفة – عضو مؤسسة قطر – الإصدار المُحدَّث من منصة “فَنار 2.0″، وهو نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي للغة العربية الذي طوّره معهد قطر لبحوث الحوسبة. ويأتي هذا الإصدار ليعكس التطور المستمر في قدرات النموذج، حيث بات “فنار” أكثر قدرة على فهم النصوص العربية وتوليدها بدقة ومرونة، مع مراعاة الخصوصيات اللغوية والثقافية للغة العربية بمختلف سياقاتها. كما تم خلال العرض تقديم نماذج تطبيقية توضح كيف يمكن لـ”فنار” دعم تطوير حلول عربية متقدمة في مجالات الإعلام، والتعليم، والخدمات الحكومية الذكية
كما استعرضت هيئة الأشغال العامة “أشغال” حلولاً متقدمة شملت استخراج الفجوات في بيانات الطرق من خلال صور الأقمار الصناعية باستخدام التعلّم العميق، إلى جانب تقنيات الواقع الافتراضي المعززة بالذكاء الاصطناعي التي سرّعت عمليات التخطيط والموافقة الهندسية. شارك بريد قطر عبر برنامج “ساعي” الذي يدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في خدمات التوصيل والخدمات البريدية والتسوق الإلكتروني، بهدف تحسين إدارة الطلبات وتحسين عمليات التسليم، بما رفع كفاءة الخدمات اللوجستية على مستوى الدولة.
وفي القطاع الإعلامي، عرضت وكالة الأنباء القطرية مشروعها المبتكر النشرة الإخبارية الافتراضية التي اعتمدت على مذيعين رقميين وتقنيات توليد الصوت لإنتاج نشرات متعددة اللغات تحت إشراف تحريري كامل. كما قدمت الوكالة نظام تحليل الصوت والفيديو الذي يدعم غرف الأخبار في تسريع المعالجة التحريرية وتحسين جودة المحتوى. واستعرضت شبكة الجزيرة الإعلامية مشروعين رئيسيين: الأول منصة تحليل الأخبار التي استخدمت الذكاء الاصطناعي لتتبع مصادر الأخبار وتحليل الاتجاهات الإعلامية بدقة، والثاني نظام إنشاء المحتوى الإعلامي الذي اعتمد على النماذج التوليدية لتطوير نصوص وتقارير أولية دعمت فرق التحرير في غرف الأخبار.
ويعكس “جناح قطر للذكاء الاصطناعي” مدى التقدّم الذي تحققه الدولة في توظيف الذكاء الاصطناعي لتطوير الخدمات الحكومية وتعزيز الكفاءة التشغيلية وتمكين الاقتصاد الرقمي، كما يبرز قوة الشراكات الوطنية والدولية في بناء منظومة متطورة ومتكاملة للذكاء الاصطناعي.