نظّمت دولة قطر ممثلةً بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وبالتعاون مع إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة (UNDESA)، النسخة الثانية من ورشة عمل الحكومة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي عُقدت في فندق شيراتون الدوحة خلال الفترة من 23 إلى 24 أبريل 2025. وشهدت الورشة مشاركة واسعة من ممثلي الأمم المتحدة والدول العربية ودول مجلس التعاون الخليجي ودول المنطقة، إلى جانب وفود رسمية وخبراء وممثلين عن منظمات دولية.
وهدفت الورشة إلى دعم تطوير منهجية تقييم مؤشر الأمم المتحدة لتنمية الحكومة الإلكترونية (EGDI)، بما يعكس خصوصية السياق الإقليمي ويواكب التطورات التكنولوجية المتسارعة. كما سعت إلى تعزيز أواصر التعاون الإقليمي بين الدول المشاركة، وتمكينها من تبادل الخبرات والتجارب الناجحة في مجال التحول الرقمي، بما يسهم في الارتقاء بمستوى أداء حكوماتها الرقمية وتحقيق تحول رقمي شامل ومستدام.
وتضمّنت الورشة برنامجاً حافلاً بسلسلة من الجلسات النقاشية بلغ عددها 11 جلسة، شارك فيها نخبة من الخبراء والمختصين المحليين والدوليين، من مختلف أنحاء العالم العربي. وركّزت الجلسات على تحليل المؤشرات الثلاثة الرئيسية لمؤشر الأمم المتحدة لتنمية الحكومة الإلكترونية، وهي: الخدمات الإلكترونية، البنية التحتية للاتصالات، وتنمية رأس المال البشري، كما استعرضت فرص التحسين في كل مجال، وناقشت سبل تطوير الأداء الوطني في هذه المؤشرات. وشكّلت الورشة منصة مهمة لتبادل المعرفة حول أفضل التجارب والممارسات العالمية، إلى جانب تسليط الضوء على التحديات المشتركة التي تواجه الدول في رحلتها نحو التحول الرقمي، وسبل معالجتها من خلال سياسات أكثر شمولاً وابتكاراً.
وفي هذا الصدد، قالت السيدة مشاعل علي الحمادي، وكيل الوزارة المساعد لشؤون الحكومة الرقمية بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات: “يجسّد انطلاق النسخة الثانية من ورشة عمل الحكومة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2025 التزام دولة قطر بالمساهمة في تطوير معايير الحوكمة الرقمية على المستويين الإقليمي والدولي، وتعزيز أطر التعاون الدولي لتوسيع أثر التحول الرقمي بما يخدم أهداف التنمية المستدامة ويعزز الشمول الرقمي. وتأتي هذه الورشة كإحدى المبادرات الداعمة لتطبيق الأجندة الرقمية 2030، التي تمثّل خارطة الطريق الوطنية لبناء حكومة رقمية مترابطة، تعتمد على بنية تحتية حديثة، وتدعم اقتصاداً ومجتمعاً رقمياً قادراً على الابتكار والريادة في ظل المتغيرات العالمية المتسارعة”.
كما أعلنت السيدة مشاعل علي الحمادي، خلال فعاليات الورشة، عن إعداد ترجمة وتصميم النسخ العربية والفرنسية من تقرير مؤشر الأمم المتحدة لتنمية الحكومة الإلكترونية لعام 2024، والتي أعدّتها دولة قطر ممثلة بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بالتعاون مع جامعة حمد بن خليفة. كما أشارت إلى مساهمة دولة قطر في تصميم النسخة الإسبانية من التقرير التي أعدّتها جمهورية الأوروغواي. ويُعد هذا الإنجاز خطوة استراتيجية تعكس التزام دولة قطر بدعم الوصول الشامل إلى المعرفة الرقمية، وتعزيز التعدد اللغوي في المحتوى الرقمي العالمي، “مما يسهم في تعزيز نطاق التأثير وتعميم المعرفة على مستوى الدول النامية والمتقدمة على حد سواء.
وفي هذا السياق، صرّح السيد فينتشنزو أكوارو، مدير دائرة الحكومة الإلكترونية في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة، قائلاً: ” إن تقرير الأمم المتحدة للحكومة الرقمية 2024، يعكس التحول الرقمي في دولة قطر، والذي تسارع بفضل استضافة بطولة كأس العالم FIFA 2022، كما يُعد نموذجاً على كيفية تسريع البنية التحتية الذكية والرؤية القيادية الطموحة لمسار بناء اقتصاد رقمي مرن وشامل.” وأضاف قائلاً: “يعكس التقدم الملحوظ الذي حققته دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك دولة قطر، قوة التعاون الإقليمي والاستثمارات الاستراتيجية في التقنيات الرقمية، ودوره في إعادة تشكيل الحوكمة العامة وتعزيز إشراك المواطنين.”
كما صرّح الدكتور إبراهيم زين، عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بالإنابة في جامعة حمد بن خليفة: “تُجسّد الشراكة المستمرة بين جامعة حمد بن خليفة ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات—وخاصة في إعداد وتصميم النسختين العربية والفرنسية من تقرير مؤشر الأمم المتحدة لتنمية الحكومة الالكترونية لعام 2024—التزامنا المشترك بالتميّز، والشمول، والابتكار. وانطلاقاً من رؤيتها الرامية إلى دفع الاقتصاد القطري قُدماً، وصياغة حلول مبتكرة ذات تأثير عالمي، تواصل جامعة حمد بن خليفة دعم المبادرات الوطنية في مختلف القطاعات، بما يعزز اقتصاد المعرفة في قطر ويسهم في تقديم حلول للتحديات العالمية”.
وتم اختتام الورشة بمجموعة من التوصيات التي عكست النقاشات المثمرة والمخرجات النوعية التي شهدتها الجلسات على مدار يومين، حيث ركزت التوصيات على دعم تطوير منهجية مؤشر الأمم المتحدة لتنمية الحكومة الإلكترونية بما يتناسب مع خصوصية المنطقة وسياقها التنموي، إلى جانب تعزيز التعاون بين الدول في مجالات بناء القدرات الرقمية، وتحسين آليات جمع البيانات الوطنية، وتبني نهج تشاركي في تطوير السياسات الرقمية.
كما أكدت التوصيات أهمية الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وتعزيز قدرات الحكومات على تقديم خدمات ذكية وشاملة، مع التركيز على إشراك المواطنين في تصميم وتقييم هذه الخدمات. ودعت إلى مواصلة عقد مثل هذه الورش الإقليمية بشكل دوري، لما تمثله من منصات حيوية لتبادل الخبرات، وبناء الشراكات، ودعم جهود الدول في تحقيق تقدم ملموس في تقارير الحوكمة الرقمية العالمية.
وجاءت هذه التوصيات بمثابة خارطة طريق للعمل المشترك، تعزز من مكانة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كلاعب فاعل في مستقبل التحول الرقمي العالمي، وتؤكد التزام دولة قطر بدورها الريادي في دفع هذا التوجه من خلال شراكات استراتيجية ومبادرات رائدة على المستويين الإقليمي والدولي.